تفاسير سور من القرآن
تفسير قوله: ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم
اللهم صل وسلم على سيدنا محمد اسم> وآله وصحبه. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم رسم> وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ادْعُوا قرآن>
رسم> .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. يقول الله جل وعلا: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
لما بين الله جل وعلا مصير أهل الجنة ومصير أهل النار، وما يقوله كل من أهل الجنة وأهل النار للآخرين، وما يقوله أصحاب الأعراف للطرفين -بين أن الذين هلكوا واستحقوا النار، وخلدوا في النار ما جاءهم ذلك إلا عن الإعراض عن هذا الكتاب الأعظم، والنور المبين الذي أنزله رب السماوات والأرض.
وفصل فيه العقائد والحلال والحرام، وبين فيه الأمثال، وما يوصل إلى الجنة وما يوصل إلى النار، وأوضح فيه كل خير، وحذر فيه من كل شر، وبشر فيه وأنذر. فمن أعرض عن هذا القرآن هم الذين صاروا إلى النار، ومن عمل بهذا القرآن هم الذين صاروا إلى الجنة.
ومنذ أنزل الله هذا الكتاب الذي هو أعظم كتاب نزل من السماء إلى الأرض، وجمع الله فيه علوم الأولين والآخرين- استحال شرعا أن يدخل أحد النار إلا عن طريق الإعراض عنه، أو يدخل أحد الجنة إلا عن طريق العمل به.
فالعمل به مفتاح الجنة والإعراض عنه مفتاح النار رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
ولذا قال هنا: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
وأن الكتاب هو هذا القرآن العظيم رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
وقراءة الجمهور من السبعة بل والعشرة رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
والله ما تركناهم سدى ولا في غفلة، والله رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
وفي صحف عند الملائكة؛ كما في قوله: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
والله هو الآتي بهذا الكتاب وحده المفصل له وحده، وصيغة الجمع في جئنا وفي فصلنا إنما هي للتعظيم، والمعنى فصلناه؛ التفصيل ضد الإجمال، ومعنى تفصيل هذا الكتاب جعلناه مفصلا موضحا. بينا فيه العقائد بتفصيل وإيضاح، والحلال والحرام والأمثال والمواعظ.
وما يدخل الجنة وما يدخل النار، وما يرضي الله وما يسخط الله، وما تصلح به أحوال الإنسان في دنياه وآخرته وما تفسد به؛ فقد فصل الله فيه كل شيء، وبين فيه أصول كل شيء.
فأوضح فيه العقائد ومكارم الأخلاق والخروج من الشبهات، ورفع به الهمم وبين أصول الحلال والحرام وأصول المواعظ وجميع الأشياء.
والغريب كل الغريب الذي لا يقضي الإنسان عجبه منه أن أمة ينزل عليها هذا الكتاب الذي يقول الله فيه أنه فصله على علم منه، بينه مفصلا بعلم الله جل وعلا المحيط بكل شيء، وضمن فيه جميع المصالح ودرأ جميع المفاسد، وخير الدنيا والآخرة.
وهذا كله من رب العالمين المحيط علمه بكل شيء، وهذا كلامه الذي فصله على علم منه وأوضحه، وبين فيه معالم الخير ومعالم الشر، وما يصلح دنيا الإنسان وآخرته، وما يكون به على خير في كلتا الدارين.
وهو تنزيل رب العالمين وتفصيل خالق السماوات الأرض، ومع هذا كله يرغب عن هذا الكتاب ولا يبالي به، ويذهب يطلب الخير والحق في آراء قوم كفرة فجرة كلاب خنازير.
فهذا من غرائب الدهر وعجائبه؛ كيف تصرف هذه الأمة عن هذا الكتاب المنزل الذي هو كلام رب العالمين وما فيه من المعاني، وما فيه من العقائد والحلال والحرام والمعاملات والمواعظ ومكارم الأخلاق.
وإيضاح علاقات المجتمع فيما بينه، وإيضاح حالة الإنسان في نفسه وما ينبغي أن يكون عليه، وما ينبغي أن يكون عليه مع مجتمعه الخاص ومع مجتمعه العام، وما يكون عليه مع أعدائه!!
كل هذا فصله رب العالمين وأوضحه، وزاده بيانا رسول كريم رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
ومع هذا كله فالأمة التي نزل القرآن على أسلافها تخلت عن هذا الكتاب المحكم الذي هو كتاب رب العالمين الذي قال فيه رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
وينبذونه وراء ظهورهم، ويذهبون يطلبون الرشد ومصالح أمرهم في قوانين ونظم رتبها كفرة فجرة جهلة مظلمة قلوبهم، هم كالأنعام أو أضل سبيلا.
فهذا من أغرب ما يشاهده الإنسان، ولو أننا لم نره عيانا لما كنا نصدق أن عاقلا يذهب عن كلام رب العالمين الذي بين فيه الرشاد وخير الدنيا وخير الآخرة، وأوضح فيه كل شيء -يتركه عمدا زاعما أنه لا ينظم علاقات الحياة، ولا يساير ركب الحضارة.
ثم يذهب إلى نظم وضعية وقوانين إفرنجية وضعها ملاحدة لا يعلمون عن الله شيئا رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
أن الذي جرهم إلى ذلك أن القرآن أعظم نورا، والله يسميه النور في آيات كثيرة: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
وهؤلاء الذين ينصرفون عنه إلى النظم الوضعية الكافرية في الحقيقة هم خفافيش البصائر، والخفاش لا يلام إذا كان لا يمكن أن يرى ضوء الشمس؛ لأن بصيرته ليس لها استعداد ولا قوة على مقابلة الشمس:
مثل النهـار يزيد أبصـار الـورى | نورا ويعمــي أعيـن الخفــاش |
خفافيش أعماهـا النهـار بضوئـه | ووافقهـا قطـع مـن الليـل مظلـم |
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
والأعمى إذا كان لا يبصر الشمس فما في تبصيره لها حيلة، ذلك في قوله: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
إذا لم تكن بالمـرء عين صحيحـة | فلا غرو أن يرتاب والصبـح مسفـر |